المثقّف العماني: هل هو جبن أم خضوع واستكانة؟

الاسم:  11-10-1815.jpg
المشاهدات: 0
الحجم:  20.6 كيلوبايت


لا شك أن كلمة جلالة السلطان في مجلس عمان 2008 كانت بمثابة التذكير بأنه بالمرصاد لكل من ثبت عنه الفساد وتقديم المصالح الشخصية على مصالح الدولة. وبغض النظر عن الأداء الحالي للأجهزة الرقابية وللإعلام في مكافحة الفساد إلا أنهما ليسا الوحيدين في هذا المجال. كما أن صوت الأنين والظلم الذي يصدر من مواطن بسيط لا يكاد يتعدى محيط منزله. وإن كان محظوظا فينفّس عن نفسه في الشبكة العنكبوتية، فإن صرخاته لا تتعدى سوى أن تكون طعاما لصفحات الأرشيف وكأنّ شيئا لم يكن.


المؤسسة الأمنية تساندها في ذلك القوانين المطاطة تسيطر على الحياة الثقافية والفكرية العمانية، فارضة بذلك ثقافة الواحد المستبد، معلنة أن ثقافة الحكومة هي الثقافة الأصح ويحرم نقاشها وانتقادها ناهيك عن حرمة تعدد الثقافات في تسيير أمور هذه الدولة. ولتحقيق هذا الإستبداد الثقافي ذو الطبيعة القمعية، تفرض شتى أنواع الرقابات الصارمة على وسائل النشر سواء أكانت كتب أم مواقع إلكترونية. أما قضائيا وأمنيا فيخضع الكاتب والمثقف للإستدعاءات والتحقيقات والغرامات وربما السجن والمنع من الكتابة، حتى أصبح التحفظ والخوف من أهم سمات النشاط الفكري والثقافي العماني.


وللتحايل على هذا انتهج المثقف والكاتب العماني إلى الخضوع والإستكانة قولا وكتابة في سبيل ايصال رسالته الخجوله إلى السلطات، بل صارت كلمات المديح الحكومي أسهل الهوايات الصحفية في الإعلام العماني، وقد أثار استغرابي استخدام أحد الصحفيين للحرف الأول فقط من مؤسسة حكومية كان قد ذكرها في مقاله، لم يكن مقاله منتقدا لتلك المؤسسة ولم يظهر فيها أدنى مستويات الإنتقاد، ولكن الخوف والرعب الشديدين الذي صنعه الإدعاء العام جعل درجة الخوف في الصحفي إلى درجة أن يخشى حتى مجرد ذكر اسم تلك المؤسسة! ولكن على الأقل لقد ذكر حرفا في مقالته (ياللسخرية)، لكن غيره أصبح يخاف حتى من ظله فلا يكتب أبدا، ولا يقارب الحكومة، وإن قاربها لا يقاربها إلا بكلمات المديح والتملّق، وفي هذا نجاح لسياسة الإستبداد الثقافي للسلطات وفشل ذريع للمثقفين والكتّاب والذين لا يجتمعون في خلوة وإلا ويتحدثون عن الحكومة وأدائها، ويزبدون ويرعدون في جلساتهم الخاصة مع أصدقائهم، ولكن حين الكتابة والنشر فكأنّه ليس من واجباتهم حمل صرخات هذه الأمة ومحاولة اظهار آلام هذا الشعب وآماله.


المثقفون العمانيون بشتى أعمارهم ومناصبهم وتوجهاتهم، المقرّبين حكوميا أم المبعدين منها، مهما كانوا وأين كانوا، سواء في مجلس الدول أم جامعة السلطان أم المثقفين بأنفسهم، الظاهرين والغير ظاهرين، وهم أرباب القلم في الدولة لا ينبغي لهم بل يُعاب عليهم هذا الصمت، اذا لم يبادر المثقف في كسر أوهام التحفظ والخوف من الأجهزة الأمنية فمن سيبادر؟ مثقفوا الخارج وربما رغم تحررهم الأمني من ثقافة الإستبداد إلا أنهم أفراد وليس لهم ذلك النشاط الملحوظ، ولكن ماذا يفعل مثقفو الداخل ذو العدد الهائل؟ أهم غثاء كغثاء السيل؟ أرى أنهم يعيشون حرية كاذبة تجعل انسانيتهم كاذبة مزيفة، هم أيضا يعيشون حالة من التشرذم، عاجزين عن تكوين تكتّل ثقافي بصوت واحد يواجه القمع والإستبداد الثقافي الذي تنتهجه السلطات العمانية. كل مواطن عماني وعلى رأسهم صاحب الجلالة ينشدون التغيير في عمان نحو مستقبل أفضل، ولكن لا أدري لماذا اعتزل مثقفو الدولة عن محاربة الفساد والمساهمة في دفع عجلة الإصلاح التي ينشدها الجميع.


إن القلم مسئولية، أقسم به الله سبحانه وتعالى وأقسم بما يسطّر به، وإن استمر المثقف العماني على هذا النهج فحريّ به أن يدفن قلمه، إلى أن يأتي من هو قادر على كتابة أحرف الحريّة لتزيح ستار الظلام وترسم طريق النور للأجيال القادمة.



همسه في أذن المثقفين

قيل أن هناك ملك مستبد طلب من مفسري الأحلام تفسير أحد أحلامه المزعجة، قال له المفسر الأول: تفسير حلمك أن جميع أهل بيتك سيموتون! غضب عليه الملك ثم قتله، وقال المفسّر الثاني: لا أرى في الحلم إلا أن جميع أهل بيتك سيموتون! غضب الملك فقتله! وقال المفسّر الثالث وكان حكيما: إنك أطول أهل بيتك عمرا! فرح الملك وكافأه!


Share

0 التعليقات:

إرسال تعليق